يا أخي

يا أخي

بعث لي الأستاذ صالح زيادنة رسالة قال فيها أنه إجتمع مع بعض أصدقائه في رهط يستمعون إلى شعري. فوالله لقد كان أولى أن أكون مستمعاً لا محدثاً في مثل هذه الصحبة الخيّرة.وقدأثرت مقالته هذه في نفسي عظيم الأثر. وترقرقت بسببها الدموع في عيني. فهما ما بين ذهولٍ وغبطة ، تجودان تارة وتعصيان تارة. فكتبت هذه الكلمات.

 

بَلَغَتْ خواطرُ صاحبي مينائي

وعرفتُ فيهــا نشـــوةَ الصحــــراءِ

فَهَمَمْتُ من طيب المعاني أنـتشي

حتى الثمالةَ والفراقُ عزائي

وعجبت من قولٍ أتاني أنني

أسـْمَعتُ رهطاً حيرتي وعنائي

ولقد ظننت بأنني ما قلـته

إلاّ لنفسي في دجىً وخفاءِ

فَضَحِكْتُ حتى خلتني لا أحزن

يوماً إذا نالَ الفنا حوبائي(1)

وبكيت حتى خلتني لا أفرح

بهلاك خصمي في الوغى وبقائي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 (1)الحوباء: هي الروح .

يا قلبُ ما أبكاك بعد ترنـــُّمٍ

أهو المدامُ وقــلةُ الندمــاءِ

أم أنـــّه حبُّ الصحاري لابنها

وحنينها من بعد طولِ جفاءِ

والحقُ أني لستُ أعذلُ باكياً

فلطالما شهد الظــلامُ بكائي

لكنَّ حبّي للمضاربِ شاقني

وبكاءُ قلبي مثـقلٌ أعبائي(2)

فالقلب إن يبكي على ما فاتهُ

فعنـاهُ بؤسي والدمــوع دمائي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) المضارب: هي بيوت الشَعَر.

 

ولقد أتاني من أحبُّ وأكبرُ

بمقــالةٍ هــزَّت نجــومَ سـمـــائي

بَعَثتْ ليَ الدنيا رســولاً صالحــاً

عَظُمَ الرسولُ وحقَّ فيهِ ثنائي

يا صاحبي هل لي بقولةِ يا أخي

فَبـــِكُمْ وإن عزَّ الرجاءُ رجائي

فأنا أخوكَ بحُكْمِ خمسٍ قد بَدَتْ

إلا لصـــاحبِ مقـلـــــةٍ عميـــــاءِ

أوَ ليسَ في شرعِ الإله شريعةٌ

فَرَضَتْ عليكم نُصرتي وإخائي

دينٌ حنـيفٌ عـزَّ مكةَ إذ بنـا

فيها أســاســاً تحتَ خيرِ بنــاءِ

وعروبةٌ من نسلها جاء الهدى

فتبدَّلتْ ظُلُمَـــاتها بضيـــاءِ

وبلادنا شَـمِلَتْ رُباها قُدسَنا

فَـتـقَّدسَتْ وتجمَّلَتْ بسناءِ

وحنينُنا أبداً وإن طالَ المدى

مثلُ الرمـــالِ يعـــودُ للصحـــراءِ

ولقد رمتني في طريقك عَبرةٌ

أنشدتها من حرقتي وعنائي(3)

فَسَمِعْتها و أتيتَ نحوي مُصْغياً

وأحقَّ من قولي أرى إصغائي

وبهذه أتممْتَ خمساً يا أخي

فَتمامُهُنَّ أخوَّةُ الشعراءِ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(3)العَبرة: هي الدمعة أو الحزن والمقصود بها قصيدة مأدبا التي أنشدتها من حزني ولوعتي.

 

عمر المطر 23/5/98 تشارلستون- الولايات المتحدة.